الأيديولوجية فى الانتخابات الرئاسية تأثير الانتماء الأيديولوجي على الاتجاهات التصويتية فى الانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2012

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الاستاذ المتفرغ بقسم العلاقات العامة والإعلان – کلية الإعلام – جامعة القاهرة

المستخلص

هل تؤثر الأيديولوجية التى يعتنقها الشخص على اتجاهاته التصويتية؟ أم أن اعتبارات المصلحة الشخصية تؤثر أکثر على هذه الاتجاهات؟ وما هى العوامل التى تتفاعل مع هذه الأيديولوجية لتؤثر على الاتجاهات التصويتية للناخبين فى انتخابات الرئاسة المصرية لعام 2012؟ وهل هناک علاقة بين نوع أو طبيعة الأيديولوجية التى يعتنقها الفرد والاتجاه السياسى للمرشحين فى انتخابات الرئاسة المصرية؟  تحاول هذه الدراسة أن تجيب عن هذه الأسئلة من خلال دراسة تطبيقية على عينة من الجمهور على ثلاث مراحل (موجات)، بلغ قوامها 8346 شخص، أجريت خلال الفترة من مارس إلى مايو 2012. وقد خلصت الدراسة إلى أهمية المتغيرات الأيديولوجية وتأثيرها على الاتجاهات التصويتية للناخبين. کما خلصت هذه الدراسة إلى أن شدة العلاقة بين الانتماء الأيديولوجى والاتجاه العام نحو التصويت للمرشحين الذين يشترکون معهم فى نفس الاتجاه تزداد کلما اقترب موعد التصويت. کما أن بعض المتغيرات الديموجرافية (الدين، مستوى التعليم) تؤثر إيجاباً على هذه العلاقة. وتشير نتائج الدراسة، بصفة عامة، إلى أن العملية الانتخابية عکست صراعاً بين أيديولوجيات وتوجهات فکرية، أکثر مما عکست صراعاً بين برامج تنفيذية أو خطط سياسية. وأن صراع الهويات أو الوجهات المستقبلية طغى على البرامج العملية وخطط الحياة المعيشية.
فى إطار الجدل العلمى الدائر حول أهمية المتغيرات غير الاقتصادية (وفى مقدمتها الأيديولوجية) فى مقابل المتغيرات الاقتصادية (وعلى رأسها عامل المصلحة الشخصية) فى تحديد القرار التصويتى للناخبين، وفى تحديد توجهاتهم الانتخابية، سعت هذه الدراسة إلى الاسهام فى هذا الجدل العلمى بالتطبيق على الانتخابات الرئاسية فى مصر (2012)، باعتبارها تجربة غير مسبوقة فى تاريخ مصر السياسى .. وقد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج، يمکن الإشارة إليها ومناقشتها على النحو التالى: -
أولاً: خلصت الدراسة إلى ارتفاع نسبة الذين لا يعرفون أو لا يحددون لأنفسهم هوية أيديولوجية معينة، إذ بلغت هذه النسبة فى عينة الدراسة 30%.. وإذا أضفنا إليهم نسبة غير قليلة اختارت التصنيفات الأخرى بدافع الإحراج الاجتماعى، رغم عدم وجود معرفة کافية بها أو اقتناع بها، فإننا يمکننا القول إن النسبة الکبرى فى المجتمع المصرى هى نسبة غير مؤدلجة، ولا تشغلها الصراعات الأيديولوجية الراهنة .. وتعتبر هذه النتيجة متسقة مع معطيات الواقع المصرى، ومتوافقة مع خصائص المجتمع .. حيث توجد علاقة عکسية بين انخفاض المستوى الاقتصادى والاهتمام بالصراعات الفکرية أو الأيديولوجية، کما توجد هذه العلاقة العکسية بين المستوى التعليمى والثقافى والانتماء الأيديولوجى، لا سيما السياسى .. فالأقل تعليماً أقل اهتماماً بهذه الصراعات، وأقل انغماساً فيها .. ويرى الباحث أن متغير الحداثة الزمنية للثورة وضخامة الأثار والتأثيرات التى أحدثتها فى بنيان العقل المصرى، خلال الفترة الماضية، کان لها دور فى وجود نسبة کبيرة من الناخبين لهم قناعات إيديولوجية .. ويعتقد الباحث أنه لو تم تطبيق هذه الدراسة، واختبار هذه العلاقة فى فترة زمنية سابقة، أو بعد مرور فترة کافية على الثورة فسوف تشير النتائج إلى انخفاض نسبة من يرون أن لهم انتماءات أيديولوجية واضحة..
ثانياً: -تشير نتائج الدراسة إلى وجود علاقة ارتباطية شديدة القوة بين الانتماء الأيديولوجى للناخبين والميل العام إلى التصويت لصالح المرشحين الذين يتوافقون معهم فى هذا الاتجاه .. وهو ما يعنى أن الانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2012، تم التصويت فيها على أساس أيديولوجى أکثر منه على أساس برامج .. وأن الصراع کان صراع حول الهوية أکثر منه صراعاً على إدارة موارد الدولة بشکل جيد، أو تحقيق مطالب شعبية بشکل أکثر احترافية .. ولعل طبيعة الحملات الانتخابية وطبيعة مضمونها الذى عکس هذا الصراع الأيديولوجى أن يکون السبب فى شدة هذه العلاقة، فقد حاول کل مرشح من خلال حملته التأکيد على هويته السياسية، وعلى الانضمام إلى معسکر محدد، وعلى جعل الصراع الانتخابى صراعاً بين المعسکرات .. وعلى حد تعبير أحد المرشحين، فقد کان على الناخب أن يختار من بين فسطاطين: فسطاط الحق وفسطاط الضلال .. وهو شکل من أشکال تقسيم المجتمع وتصنيف الناخبين على أساس عقائدى أو أيديولوجى أکثر منه تقسيمهم أو تصنيفهم على أساس أهداف وبرامج ومعطيات حياتية..

الكلمات الرئيسية